القاهر
ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: القاهر، والقهار.
قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)} [الأنعام: 18].
وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)} [ص: 65].
الله تبارك وتعالى هو القاهر فوق عباده، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل مخلوق، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه، واستسلمت واستكانت بين يديه، وخضعت لقهره وحكمه وسلطانه.
والله جل جلاله هو القاهر فوق عباده، يًصرِّف ملكه على اختياره، ويدبر الأمر على ما تقدم في علمه، ويصرف الأحوال على ما سبق في مشيءته.
قهر جميع الخلائق على ما أراد، فلا يتصرف منهم متصرف، ولا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن إلا بمشيءته، فليس للملوك وغيرهم الخروج عن ملكه وسلطانه، بل هم مدبرون مقهورون بأمره.
وإذا كان سبحانه هو القاهر لغيره، وغيره مقهور، كان هو المستحق للعبادة دون سواه: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)} [يوسف: 39].
وهو سبحانه القهار الذي قهر المخلوقات كلها في العالم العلوي، وفي العالم السفلي، والذي قهر وغلب عباده أجمعين، وقهر الخلائق جميعاً على ما أراد.
وهو سبحانه القهار الذي قهر الخلق كلهم بالموت، وقهر الجبابرة من عتاة الخلق بالعقوبة، وقهر كل جبار بعز سلطانه، فدمره وأهلكه، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وفرعون وقارون.
وهو سبحانه الذي قهر الخلائق كلها بالأمراض والمصائب والنكبات التي لا يستطيعون ردها عن أنفسهم، فلا يستطيع أحد أن يخرج عن ملكه، ولا يخرج عن تدبيره، ولا يخرج عن تقديره: {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)} [الزمر: 4].
وهو سبحانه الواحد القهار، المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وما سواه من المخلوقات التي يعبدها الكفار، فإنما هي عاجزة مخلوقة مقهورة، لا تملك أن ترد الضر عن نفسها، فكيف تنفع غيرها، وكيف تقهر غيرها وهي مقهورة، فكيف تعبد وهذه حالها؟.
والله عزَّ وجلَّ خلق المخلوقات، وجعل فوق كل مخلوق مخلوقاً آخر يقهره، ثم جعل فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق، وله الخلق والأمر، والتصريف والتدبير: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد: 16].
فالرياح العاصفة من مخلوقات الله المدمرة، ولكن الله قهرها بالجبال الراسية تردها، وتفرقها، وتكسر حدتها .. والجبال من مخلوقات الله العظيمة، ولكن الله قهرها وسلط عليها الحديد يقطعها ويكسرها .. والحديد من مخلوقات الله العجيبة، لكن الله قهره بالنار تذيبه .. والنار عظيمة الشأن، ولكن الله سلط عليها الماء يطفئها .. والمياه آية من آيات الله الكبرى، ولكن الله سلط عليها الرياح تصرفها وتقلبها.
والنبات آية من آيات الله، قهره الله بالإنسان والحيوان يأكله ويقطعه .. وقهر الإنسان والحيوان بالمرض يقعده ويؤلمه .. وقهر سبحانه جميع الكائنات الحية بالموت الذي يهلكها.
فكل مخلوق له قاهر أعلى منه يقهره، حتى ينتهي القهر الكامل الشامل لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق على ما أراد.
فسبحان الواحد القهار، العزيز الجبار: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} [البروج: 9].
الوهاب
ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: الوهاب.
قال الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (} [آل عمران: 8].
وقال الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)} [ص: 9].
الله تبارك وتعالى هو الوهاب، المعطي لمن يشاء من خلقه ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة، المتفضل بالعطايا والنعم، الذي يجود بالعطاء، ولا ينقص ما في خزائنه.
وهو سبحانه الوهاب، كثير المواهب والعطايا، يعطي العباد من غير استحقاق عليه، ولا طلب للثواب من أحد، يصيب بعطاياه ومواهبه مواقعها، ويقسمها على ما تقتضيه حكمته.
وهو سبحانه الملك الذي له ملك السموات والأرض وما فيهن، وخزائنه مملوءة بكل شيء، وهو سبحانه الوهاب وحده، يهب ما يشاء، لمن يشاء، في أي وقت شاء، لأنه مالك الملك، وخزائن السموات والأرض له: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} ... [المنافقون: 7].
وهو سبحانه الكريم الوهاب، الذي ينفق كيف يشاء، لا حجر عليه، ولا مانع يمنعه مما أراد، وهو الذي بسط فضله وإحسانه الديني والدنيوي على جميع العباد، يده ملأى سحاء الليل والنهار، وخيره على العباد في جميع الأوقات مدرار.
يفرج كرباً .. ويزيل غماً .. ويغني فقيراً .. ويفك أسيراً .. ويجبر كسيراً .. ويجيب سائلاً .. ويعطي فقيراً عائلاً .. ويجيب المضطر .. ويستجيب لمن دعاه .. وينعم على من سأله ومن لم يسأله .. ويعافي من طلب العافية.
قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِيُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَدُ الله مَلأى لا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَقَالَ: أرَأيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ» متفق عليه (1).
وهو سبحانه الملك الوهاب، أما العباد فإنهم ملك لله سبحانه، فكل من وهب من العباد شيئاً من عرض الدنيا لصاحبه فهو واهب.
ولا يستحق أن يسمى وهاباً إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوائله وعطاياه وهباته ودامت، والخلق إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدىً لضال، ولا عافية لمريض، ولا رزقاً لمخلوق، ولا أمناً لخائف، ولكن الله الملك الوهَّاب يملك كل ذلك: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21].
والله جواد كريم اختص من شاء من عباده بالنبوة والرسالة كما قال سبحانه عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} ... [العنكبوت: 27].
ووهب الملك والسلطان من شاء من عباده كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} [البقرة: 247].
وقد سأل سليمان - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يهبه ملكاً فاستجاب له، ووهب له ملكاً عظيماً: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)} [ص: 35].
وهكذا المؤمن يقدم شكواه، ويطلب حاجته من ربه العزيز الوهَّاب.
قال زكريا - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء: 89، 90].
وقال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} [الأنبياء: 35].
فسبحان العزيز الوهاب، الذي وسع الخلق جوده ورحمته، وتتابعت مواهبه، وتوالت مننه وعوائده، ذو البذل الشامل، والعطاء الدائم، بغير تكلف ولا عرض ولا عوض.
وسبحان الكريم الوهاب، الذي تدر الهبات منه سبحانه على عباده في دنياهم وأخراهم دون انقطاع ولا نفاد، بل في نماء وازدياد على مر الدهور والآباد: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)} [ص: 54].
وسبحان الكريم الذي خيره وفضله يرتع فيه البر والفاجر، والمطيع والعاصي، وسبحان الذي كل النعم التي ينعم بها العباد منه، وإليه يجأرون في دفع المكاره.
وتبارك الذي لا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه.وتعالى من لا يخلو العباد من كرمه طرفة عين، بل لا وجود لهم ولا بقاء إلا بجوده.
اللهم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (} [آل عمران: 8].
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74]
ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: القاهر، والقهار.
قال الله تعالى: {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ (18)} [الأنعام: 18].
وقال الله تعالى: {قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (65)} [ص: 65].
الله تبارك وتعالى هو القاهر فوق عباده، الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل مخلوق، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه، واستسلمت واستكانت بين يديه، وخضعت لقهره وحكمه وسلطانه.
والله جل جلاله هو القاهر فوق عباده، يًصرِّف ملكه على اختياره، ويدبر الأمر على ما تقدم في علمه، ويصرف الأحوال على ما سبق في مشيءته.
قهر جميع الخلائق على ما أراد، فلا يتصرف منهم متصرف، ولا يتحرك متحرك، ولا يسكن ساكن إلا بمشيءته، فليس للملوك وغيرهم الخروج عن ملكه وسلطانه، بل هم مدبرون مقهورون بأمره.
وإذا كان سبحانه هو القاهر لغيره، وغيره مقهور، كان هو المستحق للعبادة دون سواه: {أَأَرْبَابٌ مُتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39)} [يوسف: 39].
وهو سبحانه القهار الذي قهر المخلوقات كلها في العالم العلوي، وفي العالم السفلي، والذي قهر وغلب عباده أجمعين، وقهر الخلائق جميعاً على ما أراد.
وهو سبحانه القهار الذي قهر الخلق كلهم بالموت، وقهر الجبابرة من عتاة الخلق بالعقوبة، وقهر كل جبار بعز سلطانه، فدمره وأهلكه، وأخذه أخذ عزيز مقتدر، كما فعل بقوم نوح وعاد وثمود وفرعون وقارون.
وهو سبحانه الذي قهر الخلائق كلها بالأمراض والمصائب والنكبات التي لا يستطيعون ردها عن أنفسهم، فلا يستطيع أحد أن يخرج عن ملكه، ولا يخرج عن تدبيره، ولا يخرج عن تقديره: {سُبْحَانَهُ هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (4)} [الزمر: 4].
وهو سبحانه الواحد القهار، المستحق للعبادة وحده لا شريك له، وما سواه من المخلوقات التي يعبدها الكفار، فإنما هي عاجزة مخلوقة مقهورة، لا تملك أن ترد الضر عن نفسها، فكيف تنفع غيرها، وكيف تقهر غيرها وهي مقهورة، فكيف تعبد وهذه حالها؟.
والله عزَّ وجلَّ خلق المخلوقات، وجعل فوق كل مخلوق مخلوقاً آخر يقهره، ثم جعل فوق ذلك القاهر قاهر أعلى منه، حتى ينتهي القهر لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق، وله الخلق والأمر، والتصريف والتدبير: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (16)} [الرعد: 16].
فالرياح العاصفة من مخلوقات الله المدمرة، ولكن الله قهرها بالجبال الراسية تردها، وتفرقها، وتكسر حدتها .. والجبال من مخلوقات الله العظيمة، ولكن الله قهرها وسلط عليها الحديد يقطعها ويكسرها .. والحديد من مخلوقات الله العجيبة، لكن الله قهره بالنار تذيبه .. والنار عظيمة الشأن، ولكن الله سلط عليها الماء يطفئها .. والمياه آية من آيات الله الكبرى، ولكن الله سلط عليها الرياح تصرفها وتقلبها.
والنبات آية من آيات الله، قهره الله بالإنسان والحيوان يأكله ويقطعه .. وقهر الإنسان والحيوان بالمرض يقعده ويؤلمه .. وقهر سبحانه جميع الكائنات الحية بالموت الذي يهلكها.
فكل مخلوق له قاهر أعلى منه يقهره، حتى ينتهي القهر الكامل الشامل لله الواحد القهار، الذي قهر جميع الخلائق على ما أراد.
فسبحان الواحد القهار، العزيز الجبار: {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (9)} [البروج: 9].
الوهاب
ومن أسمائه الحسنى عزَّ وجلَّ: الوهاب.
قال الله تعالى: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (} [آل عمران: 8].
وقال الله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (9)} [ص: 9].
الله تبارك وتعالى هو الوهاب، المعطي لمن يشاء من خلقه ما يشاء من ملك وسلطان ونبوة، المتفضل بالعطايا والنعم، الذي يجود بالعطاء، ولا ينقص ما في خزائنه.
وهو سبحانه الوهاب، كثير المواهب والعطايا، يعطي العباد من غير استحقاق عليه، ولا طلب للثواب من أحد، يصيب بعطاياه ومواهبه مواقعها، ويقسمها على ما تقتضيه حكمته.
وهو سبحانه الملك الذي له ملك السموات والأرض وما فيهن، وخزائنه مملوءة بكل شيء، وهو سبحانه الوهاب وحده، يهب ما يشاء، لمن يشاء، في أي وقت شاء، لأنه مالك الملك، وخزائن السموات والأرض له: {وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ (7)} ... [المنافقون: 7].
وهو سبحانه الكريم الوهاب، الذي ينفق كيف يشاء، لا حجر عليه، ولا مانع يمنعه مما أراد، وهو الذي بسط فضله وإحسانه الديني والدنيوي على جميع العباد، يده ملأى سحاء الليل والنهار، وخيره على العباد في جميع الأوقات مدرار.
يفرج كرباً .. ويزيل غماً .. ويغني فقيراً .. ويفك أسيراً .. ويجبر كسيراً .. ويجيب سائلاً .. ويعطي فقيراً عائلاً .. ويجيب المضطر .. ويستجيب لمن دعاه .. وينعم على من سأله ومن لم يسأله .. ويعافي من طلب العافية.
قال الله تعالى: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِيُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} [المائدة: 64].
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «يَدُ الله مَلأى لا تَغِيضُهَا نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. وَقَالَ: أرَأيْتُمْ مَا أنْفَقَ مُنْذُ خَلَقَ السَّمَاءَ وَالأرْضَ فَإِنَّهُ لَمْ يَغِضْ مَا فِي يَدِهِ» متفق عليه (1).
وهو سبحانه الملك الوهاب، أما العباد فإنهم ملك لله سبحانه، فكل من وهب من العباد شيئاً من عرض الدنيا لصاحبه فهو واهب.
ولا يستحق أن يسمى وهاباً إلا من تصرفت مواهبه في أنواع العطايا، فكثرت نوائله وعطاياه وهباته ودامت، والخلق إنما يملكون أن يهبوا مالاً أو نوالاً في حال دون حال، ولا يملكون أن يهبوا شفاءً لسقيم، ولا ولداً لعقيم، ولا هدىً لضال، ولا عافية لمريض، ولا رزقاً لمخلوق، ولا أمناً لخائف، ولكن الله الملك الوهَّاب يملك كل ذلك: {وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21)} [الحجر: 21].
والله جواد كريم اختص من شاء من عباده بالنبوة والرسالة كما قال سبحانه عن إبراهيم - صلى الله عليه وسلم -: {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ} ... [العنكبوت: 27].
ووهب الملك والسلطان من شاء من عباده كما قال سبحانه: {وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (247)} [البقرة: 247].
وقد سأل سليمان - صلى الله عليه وسلم - ربه أن يهبه ملكاً فاستجاب له، ووهب له ملكاً عظيماً: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (35)} [ص: 35].
وهكذا المؤمن يقدم شكواه، ويطلب حاجته من ربه العزيز الوهَّاب.
قال زكريا - صلى الله عليه وسلم -: {رَبِّ لَا تَذَرْنِي فَرْدًا وَأَنْتَ خَيْرُ الْوَارِثِينَ (89) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَوَهَبْنَا لَهُ يَحْيَى وَأَصْلَحْنَا لَهُ زَوْجَهُ إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ (90)} [الأنبياء: 89، 90].
وقال الله تعالى: {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ (35)} [الأنبياء: 35].
فسبحان العزيز الوهاب، الذي وسع الخلق جوده ورحمته، وتتابعت مواهبه، وتوالت مننه وعوائده، ذو البذل الشامل، والعطاء الدائم، بغير تكلف ولا عرض ولا عوض.
وسبحان الكريم الوهاب، الذي تدر الهبات منه سبحانه على عباده في دنياهم وأخراهم دون انقطاع ولا نفاد، بل في نماء وازدياد على مر الدهور والآباد: {إِنَّ هَذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِنْ نَفَادٍ (54)} [ص: 54].
وسبحان الكريم الذي خيره وفضله يرتع فيه البر والفاجر، والمطيع والعاصي، وسبحان الذي كل النعم التي ينعم بها العباد منه، وإليه يجأرون في دفع المكاره.
وتبارك الذي لا يحصي أحد ثناء عليه، بل هو كما أثنى على نفسه.وتعالى من لا يخلو العباد من كرمه طرفة عين، بل لا وجود لهم ولا بقاء إلا بجوده.
اللهم: {رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (} [آل عمران: 8].
{رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا (74)} [الفرقان: 74]
الأحد مارس 22, 2015 12:06 pm من طرف نادين
» حالة عشق
الأحد مارس 22, 2015 11:57 am من طرف نادين
» اريد النسيان
الأحد مارس 22, 2015 11:26 am من طرف نادين
» انت الدرة
الأحد مارس 22, 2015 11:03 am من طرف نادين
» يا حزني
السبت مارس 21, 2015 10:08 am من طرف نادين
» يا حزني
السبت مارس 21, 2015 10:06 am من طرف نادين
» بلا عنوان
الأربعاء نوفمبر 19, 2014 3:46 am من طرف نادين
» السلام عليكم
الإثنين نوفمبر 17, 2014 2:42 pm من طرف نادين
» اللوحة السوداء
الإثنين نوفمبر 17, 2014 2:30 pm من طرف نادين