والإنسان قد يقوم بما يجب عليه في نفسه، ولا يأمر غيره به، فهذا قد ربح الإيمان والعمل الصالح في حق نفسه، وخسر ربح التواصي بالحق والتواصي بالصبر في حق غيره، فصار في خسر.
ولكنه لا يكون من الذين خسروا أنفسهم وأهليهم، فمطلق الخسار شيء، والخسار المطلق شيء آخر، ومن ربح في سلعة وخسر في أخرى فهو ذو ربح، وذو خسر، فهذا نوع خسر بالنسبة لمن حصل ربح ذلك، فهو ناج كما قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} [التين: 4 - 6].
وقد استثنى الله عزَّ وجلَّ من الإنسان الذي هو في خسر كل من كمل مراتب الكمال الإنساني بإصلاح نفسه، وإصلاح غيره، والإحسان إلى نفسه، والإحسان إلى غيره: بالإيمان .. والعمل الصالح .. والتواصي بالحق .. والتواصي بالصبر.
فهؤلاء الكُمَّل في درجة السابقين .. ومن دونهم في درجة أصحاب اليمين.
ولكل درجات مما عملوا .. {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} [الأنفال: 4].
والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة.
فهي لجهلها تظن أن شفاءها في اتباع هواها، ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح، يوضع لها الداء موضع الدواء فتقبله، ويوضع لها الدواء موضع الداءفترده، فيتولد لها من إيثارها للداء، واجتنابها للدواء، أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء، ويتعذر معها الشفاء.
وقد سميت النفس نفساً إما من الشيء النفيس لنفاستها وشرفها، وإما من تنفس الشيء إذا خرج، فلكثرة خروجها ودخولها في البدن سميت نفساً.
وفي النفس ثلاثة دواع متجاذبة:
أحدها: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشياطين من الكبر والحسد والعلو والبغي والغش والكذب.
الثاني: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الحيوان من الحرص والبخل والشهوة.
الثالث: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الملائكة من الطاعة والعبادة، والإحسان والنصح، والعلم والبر، والتسبيح والاستغفار.
والنفس فيها استعداد للخير والشر، وهي بحسب المذكر، ولمن سبق وغلب منقادة مطاوعة:
فترى من الناس من هو شيطان يركض بكل شر وفساد.
ومنهم كالحيوان ليس له هم إلا قضاء شهواته.
ومنهم كالملائكة عبادة لله، وطاعة له، وتسبيح واستغفار، في ليله ونهاره.
والنفس الإنسانية لها قوتان:
إحداهما: القوة النظرية، وكمالها في معرفة الأشياء، وأعلى المعارف معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله.
الثانية: القوة العملية، وكمالها في معرفة الخيرات والطاعات، وأعلاها عبادة الله بالأعمال الصالحة على طريقة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف: 107].
فقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إشارة إلى كمال القوة النظرية بمعرفة الله.فكذلك النفس تُخلق ناقصة قابلة للكمال.
وإنما تكمل النفس بالتزكية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم.
وكما أن العلة الموجبة لمرض البدن لا تعالج إلا بضدها، إن كانت من حرارة فبالبرودة، وإن كانت من برودة فبالحرارة.
فكذلك الأخلاق الرذيلة التي هي مرض القلب علاجها بضدها، فيعالج مرض الجهل بالعلم، ومرض البخل بالسخاء، ومرض الكبر بالتواضع .. وهكذا.
وكما أنه لا بدَّ من احتمال مرارة الدواء، والصبر عن المشتهيات لصلاح البدن، فكذلك لا بد من احتمال مرارة المجاهدة، والصبر على مداواة مرضى القلب حتى يزكو.
والقلوب جوالة، منها ما يطوف مع البهائم حول الحش، ومنها ما يطوف مع الملائكة حول العرش: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} ... [فاطر: 19 - 22].
والله عزَّ وجلَّ جعل في النفس حباً لما ينفعها، وبغضاً لما يضرها.
فلا تفعل النفس مع حضور عقلها ما تجزم بأنه يضرها ضرراً راجحاً.
والبلاء مركب من شيئين:
من تزيين الشيطان .. ومن جهل النفس.
فإن الشيطان يزين لها السيئات، ويريها إياها في صور المنافع واللذات والطيبات، ويُغفلها عن مطالعتها لمضرتها.
فيتولد من هذا التزيين، وهذا الإغفال، وهذا الإنساء، إرادة وشهوة، ثم يمدها بأنواع التزيين، فلا يزال يقوى حتى يصير عزماً جازماً يقترن به الفعل، كما زين للأبوين الأكل من الشجرة كما قال سبحانه في تزيين الشيطان للشر: {فَلَوْلَا إِذْجَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)} [الأنعام: 43].
وقال سبحانه في تزيين الخير: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (} [الحجرات: 7، 8].
ولكنه لا يكون من الذين خسروا أنفسهم وأهليهم، فمطلق الخسار شيء، والخسار المطلق شيء آخر، ومن ربح في سلعة وخسر في أخرى فهو ذو ربح، وذو خسر، فهذا نوع خسر بالنسبة لمن حصل ربح ذلك، فهو ناج كما قال سبحانه: {لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ (4) ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5) إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ (6)} [التين: 4 - 6].
وقد استثنى الله عزَّ وجلَّ من الإنسان الذي هو في خسر كل من كمل مراتب الكمال الإنساني بإصلاح نفسه، وإصلاح غيره، والإحسان إلى نفسه، والإحسان إلى غيره: بالإيمان .. والعمل الصالح .. والتواصي بالحق .. والتواصي بالصبر.
فهؤلاء الكُمَّل في درجة السابقين .. ومن دونهم في درجة أصحاب اليمين.
ولكل درجات مما عملوا .. {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجَاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (4)} [الأنفال: 4].
والنفس في الأصل خلقت جاهلة ظالمة.
فهي لجهلها تظن أن شفاءها في اتباع هواها، ولظلمها لا تقبل من الطبيب الناصح، يوضع لها الداء موضع الدواء فتقبله، ويوضع لها الدواء موضع الداءفترده، فيتولد لها من إيثارها للداء، واجتنابها للدواء، أنواع من الأسقام والعلل التي تعيي الأطباء، ويتعذر معها الشفاء.
وقد سميت النفس نفساً إما من الشيء النفيس لنفاستها وشرفها، وإما من تنفس الشيء إذا خرج، فلكثرة خروجها ودخولها في البدن سميت نفساً.
وفي النفس ثلاثة دواع متجاذبة:
أحدها: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الشياطين من الكبر والحسد والعلو والبغي والغش والكذب.
الثاني: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الحيوان من الحرص والبخل والشهوة.
الثالث: داع يدعوها إلى الاتصاف بأخلاق الملائكة من الطاعة والعبادة، والإحسان والنصح، والعلم والبر، والتسبيح والاستغفار.
والنفس فيها استعداد للخير والشر، وهي بحسب المذكر، ولمن سبق وغلب منقادة مطاوعة:
فترى من الناس من هو شيطان يركض بكل شر وفساد.
ومنهم كالحيوان ليس له هم إلا قضاء شهواته.
ومنهم كالملائكة عبادة لله، وطاعة له، وتسبيح واستغفار، في ليله ونهاره.
والنفس الإنسانية لها قوتان:
إحداهما: القوة النظرية، وكمالها في معرفة الأشياء، وأعلى المعارف معرفة الله بأسمائه وصفاته وأفعاله.
الثانية: القوة العملية، وكمالها في معرفة الخيرات والطاعات، وأعلاها عبادة الله بالأعمال الصالحة على طريقة رسوله - صلى الله عليه وسلم - كما قال سبحانه: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا (107)} [الكهف: 107].
فقوله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا} إشارة إلى كمال القوة النظرية بمعرفة الله.فكذلك النفس تُخلق ناقصة قابلة للكمال.
وإنما تكمل النفس بالتزكية، وتهذيب الأخلاق، والتغذية بالعلم.
وكما أن العلة الموجبة لمرض البدن لا تعالج إلا بضدها، إن كانت من حرارة فبالبرودة، وإن كانت من برودة فبالحرارة.
فكذلك الأخلاق الرذيلة التي هي مرض القلب علاجها بضدها، فيعالج مرض الجهل بالعلم، ومرض البخل بالسخاء، ومرض الكبر بالتواضع .. وهكذا.
وكما أنه لا بدَّ من احتمال مرارة الدواء، والصبر عن المشتهيات لصلاح البدن، فكذلك لا بد من احتمال مرارة المجاهدة، والصبر على مداواة مرضى القلب حتى يزكو.
والقلوب جوالة، منها ما يطوف مع البهائم حول الحش، ومنها ما يطوف مع الملائكة حول العرش: {وَمَا يَسْتَوِي الْأَعْمَى وَالْبَصِيرُ (19) وَلَا الظُّلُمَاتُ وَلَا النُّورُ (20) وَلَا الظِّلُّ وَلَا الْحَرُورُ (21) وَمَا يَسْتَوِي الْأَحْيَاءُ وَلَا الْأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22)} ... [فاطر: 19 - 22].
والله عزَّ وجلَّ جعل في النفس حباً لما ينفعها، وبغضاً لما يضرها.
فلا تفعل النفس مع حضور عقلها ما تجزم بأنه يضرها ضرراً راجحاً.
والبلاء مركب من شيئين:
من تزيين الشيطان .. ومن جهل النفس.
فإن الشيطان يزين لها السيئات، ويريها إياها في صور المنافع واللذات والطيبات، ويُغفلها عن مطالعتها لمضرتها.
فيتولد من هذا التزيين، وهذا الإغفال، وهذا الإنساء، إرادة وشهوة، ثم يمدها بأنواع التزيين، فلا يزال يقوى حتى يصير عزماً جازماً يقترن به الفعل، كما زين للأبوين الأكل من الشجرة كما قال سبحانه في تزيين الشيطان للشر: {فَلَوْلَا إِذْجَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (43)} [الأنعام: 43].
وقال سبحانه في تزيين الخير: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ أُولَئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَنِعْمَةً وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (} [الحجرات: 7، 8].
الأحد مارس 22, 2015 12:06 pm من طرف نادين
» حالة عشق
الأحد مارس 22, 2015 11:57 am من طرف نادين
» اريد النسيان
الأحد مارس 22, 2015 11:26 am من طرف نادين
» انت الدرة
الأحد مارس 22, 2015 11:03 am من طرف نادين
» يا حزني
السبت مارس 21, 2015 10:08 am من طرف نادين
» يا حزني
السبت مارس 21, 2015 10:06 am من طرف نادين
» بلا عنوان
الأربعاء نوفمبر 19, 2014 3:46 am من طرف نادين
» السلام عليكم
الإثنين نوفمبر 17, 2014 2:42 pm من طرف نادين
» اللوحة السوداء
الإثنين نوفمبر 17, 2014 2:30 pm من طرف نادين